الاثنين، مارس 30، 2015

أرواح تبكي

عنوان الكتاب: أرواح تبكي
  الكاتب: أحمد حمادي
تاريخ القراءة: 29 مارس 2015
عدد الصفحات:165  صفحة
التقييم:4.5  نجمات
 
 
أذكر جيدا أني حين قرأت عنوان الرواية " أرواح تبكي" تساءلت بيني وبين نفسي: وهل تبكي الأرواح؟ 
أجابني صوت داخلي: نعم، تبكي... تبكي الوجع، تبكي العذاب، تبكي الفقر، تبكي المعاناة...0 
رجعت للتساؤل بعدما أقنعني صوتي الداخلي: وهل يستطيع كاتبا تصوير حجم الألم الذي يعتري الأنفس ليجعل الأرواح تبكي؟
وجواب سؤالي لم لم أجده إلا وأنا أطوي آخر صفحة من رواية شدتني وآلمتني، إنطلاقا من أول كلمة في الإهداء وصولا لآخر كلمة في النهاية... لأتأكد أن هناك من يكتب بقلم الوجع الذي يكون حبره دم القلب النازف، ودموع الروح المنهكة... 


في منزلي محرم التعبير عن المشاعر بصوت مرتفع، الواقعية والخوف من الأذى هو كل ما على المرء أن يتحلى به" 
.

من هنا كانت الإنطلاقة مع بطلة الرواية ذات ال 14 سنة، وتجسَّدت المعاناة في كنف أسرة الأب فيها "سادي" يهين، يضرب، يكسر الأضلع والمشاعر له دستوره الخاص الذي يجب أن ترضخ له الأسرة غصبا عنها، أما الأم فكانت " نصف مازوشية" تقبل ذلك العذاب ذون أن تتلذذ به، 
أب جعل الطفلة تفقد إنسانيتها، بممارسته عليها جبروته الإرهابي، جعلها تهرب من المرِّ إلى الأمرِّ، ومن خلال ذلك استطاع الكاتب أن يصور تلك الرحلة المأساوية بوجع متناهي الدقة، عرَّج بي بالحرمان، وظلم الشارع، وقساوة التشرد، وتعجرف الأثرياء، ومعاناة اليتامى.. فكنت وأنا أقرأ بأسلوبه أربط مقارنة مباشرة بكلاسيكيات الأدباء الذين قرأت لهم في صغري وأثرت فيَّ قصصهم أمثال فيكتور هيغو وغي دي موباسون، حتى أني تذكرت المشاهد الموجعة التي مرت بي في حياتي فأعدت رسم جميع الوجوه المعذبة...


التشويق في الرواية أيضا كان عنصرا فعالا، وأضفى جمالا خاصا رغم أنفاسي التي كانت تُحبس بين الفينة والأخرى... 

وصلت للنهاية وأنا أردد مشفقة: "ميسم يا وجع القلب" وأنا أتذكر كلماتها التي حملتها معي من بداية الرواية: " الذكر كان يعني في قاموسي شيئا واحدا، السوط، الزجر... والإهانة" ثم جاءت نهايتها بانكسار ذلك السوط بطريقة ذكية من الكاتب بعيدا عن الطرق المكررة دائما مما جعلني أتنفس الصعداء وأبتسم وأنا امسح الأسى الذي سكنني، يا لها من رواية رائعة !
*** 
صفنت بعدها بيني وبين نفسي وأنا أفكر: أيعقل أن تكون أبوة قاسية بهذا الحد، كم من البشر يعانون، يئنون في صمت ينتظرون من يكتبهم ليفجر قلوبا متحجرة... 

اللوحة أعلاه لــ 
Vasily Perov

الجمعة، مارس 27، 2015

لا تقتل عصفورا ساخرا


عنوان الكتاب:لا تقتل عصفورا ساخرا
  الكاتب: هاربرلي 
ترجمة:  توفيق الأسدي
عدد الصفحات:634  صفحة
التقييم:4  نجمات.
ابن الحرام محب الزنوج..
ـ حين تكون هناك شهادة رجل أبيض ضد شهادة رجل أسود، فالأبيض هو الرابح دائما، انها حقيقة بشعة جدًّا، ولكنها من حقائق الحياة...


هكذا كانت أمريكا منذ سنوات خلت، هكذا كان منبوذ من يدافع عن السود الزنوج قبل أن تحلم كوندوليزا رايس أو أهل أوباما بأن يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم... 
الذي يقرأ العنوان للوهلة الأولى وحتى الثانية والثالثة لا يمكنه أبدا تخمين محتوى الكتاب، ربما قد يخبره حدسه أنه هناك قتل لشيء أو لمخلوق بريء إنما لن يخطر بباله أن يكون قتل للإنسانية، طبعا كيف لا يكون قتل للإنسانية بأبشع صورها والإنسان " الزنجي/الملون" هو أقرب للحشرة بالنسبة للإنسان " الأبيض" يدوس عليها وقتما شاء دون محاسبة أو وخز بسيط للضمير، لا بل ويعتبر من يدافع عن هذه الحشرة "ابن حرام محب للزنوج"...
مع قصة الرواية العبقرية وبطلها أتيكوس وطفليه الذين لا تمتُّ أفكارهما بصلة لما يفكر به الأطفال تنطلق بنا الكاتبة على لسان الطفلة سكاوت إبنة المحامي أتيكوس إلى حقبة مظلمة وأشد سوادا من بشرة الزنوج الذين كتبت عنهم، وتصور بأسلوب عبقري الوضع المزري اللاإنساني لفكرة اللامساواة التي كانت قائمة، لتكون مربط الفرس هي حادثة الإغتصاب التي راح ضحيتها شاب زنجي راودته فتاة بيضاء لرغبة في نفسها، فما كان من القضاء سوى معاقبته بسوء نيتها وخبث فعلتها... وما اقساه العقاب حين يكون ظلما بدون جرم يشهد، وما اشنعه حين يكون اعداما ليس فقط اعداما للشخص المسلط عليه العقوبة وإنما إعداما للإنسانية بتفويض من المحكمة وهيئتها التي يطلق عليها قاعة العدل والمساواة...
أتيكوس الذي كان يعلم أنه سيخسر القضية منذ البداية لم يستسلم لما كان يمليه عليه واقع بلدته وأهله وأكمل في طريق الدفاع عن الزنجي الأسود الذي يعلم الجميع براءته غير أن غطرستهم وتصميمهم على وضع الشخص الأبيض فوق الجميع منعتهم من انصافه... فالفرضية المسلّم بها تقول بأن كل الزنوج أشرار وكل الزنوج قذرين وكل الزنوج وحوش ولا يمكن الثقة فيهم رغم أن أتيكوس حاول اقناعهم بالعكس وأن صفة الشر والخير هي من ميزات جميع الأجناس البشرية وليس فقط الزنوج والبيض...

وهذه أيها السادة كذبة سوداء بحد ذاتها بقدر ما هي بشرة توم روبنسون سوداء، كذبة لست مضطراً إلى أن ألفت انتباهكم إليها. فأنتم تعرفون الحقيقة، والحقيقة هي: بعض الزنوج يكذبون، وبعض الزنوج لا أخلاقيون، وبعض الزنوج الذكور لا يمكن الوثوق بهم فيما يخص النساء.. أكن سوداوات أو بيضاوات، ولكن هذه حقيقة تنطبق على الجنس البشري كله وليس على عنصر بعينه منه. ليس في هذه المحكمة شخص لم يتفوه بكذبة في حياته، أو لم يرتكب عملاً لا أخلاقياً


بعد مقتل توم الزنجي انحنى مسرى الرواية إلى البرود وخيبات الأمل رغم أنها كانت متوقعة، غير أن الحادثة التي وقعت للطفلين أعادت إحياء نفَس الترقب والإثارة من جديد، لنستنتج أن طريق الحق والعدالة مليء بالأشواك 

قبل أن أكتب الريفيو أرسلت لي صديقة القراءة روح، فيديو رائع يحمل عنوان " لدي حلم" لمارتن لوثر كنج تأثرت بشدة وهو يردد 

لدي حلم 
في يوم ما
أن هذه الأمة ستنهض
تعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها
نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية 
لدي حلم 
في يوم ما على تلال جورجيا الحمراء 
أبناء العبيد السابقين وأبناء المستعبدين السابقين
سيكونون قادرين على الجلوس معا على مائدة الأخوة 
لدي حلم 
أطفالي الاربعة 
يعيشون في بلاد حيث لا يمكن الحكم عليهم من خلال لون بشرتهم بل بمضمون شخصيتهم
لدي حلم 
...

https://www.youtube.com/watch?v=QpHHX...

وما كان مني حين فرغت من الاستماع لكلماته المؤثرة سوى أن أقول آمين، وأتمنى أن تعم الإنسانية أرجاء المعمورة يوما ما

الأحد، مارس 22، 2015

عازفة العذاب/ أحمد حمّادي



                                      
عنوان الكتاب: عازفة العذاب 
  الكاتب: أحمد حمَّادي
عدد الصفحات:96 صفحة
تاريخ القراءة: 28 فيفري 2015 .
التقييم: 4  نجمات.
 
عازفة العذاب، أول عمل للكاتب الجزائري أحمد حمَّادي الذي وأنت تقرأ له لن تشعر أبدا أنك تقرأ لكاتب مبتدئ ولن تصطدم بسطحية بعض القصص التي تضطر معها للقول لا بأس هذه أول تجربة للكاتب...فأسلوب الكاتب جذاب حقا وانتقاؤه للعبارت والتشبيهات موفقة لحد كبير.. 

الكتاب يحمل بين دفتيه 16 قصة قصيرة، يفتح 16 بابا من أبواب الوجع، ويعزف لنا 16 مقطوعة من مقطوعات الألم...
 
لا أستطيع إلا أن أكون منحازة وبشدة للقصص الانسانية التي تحاكي الوجع الوجداني للإنسان، ولا يمكن أن لا تهتز مشاعري و أنا أقرأ حروفا مشبعة بالصدق ...
عازفة العذاب أول ما قرأت العنوان ربطتها بلوحة الفنان العالمي بيكاسو، التي وكلما نظرت وتمعنت فيها ادركت معنى الإنكسار والألم الإنساني وفعلا لم يخب ظني حين فرغت من قراءة محتوى الكتاب وعدت إلى ربطه باللوحة في مخيلتي.. 



أكثر القصص التي أثرت بي بشكل كبير قصة عدالة ظالمة، أين صاح أحدهم محكمة ولم أشتم مثلما لم يشمَّ الكاتب ريح العدالة... بالإضافة إلى قصة عيون الليل والتصوير البديع للمتشرد وقد اقتبست منها عبارة هزتني حقا 


الكتاب يحوي صفحات قليله لكن من يطالعه سيخزن داخل وجدانه إنسانيات كثيرة