عنوان الكتاب: أرواح تبكي
الكاتب: أحمد حمادي
عدد الصفحات:165 صفحة
التقييم:4.5 نجمات
أذكر جيدا أني حين قرأت عنوان الرواية " أرواح تبكي" تساءلت بيني وبين نفسي: وهل تبكي الأرواح؟
أجابني صوت داخلي: نعم، تبكي... تبكي الوجع، تبكي العذاب، تبكي الفقر، تبكي المعاناة...0
رجعت للتساؤل بعدما أقنعني صوتي الداخلي: وهل يستطيع كاتبا تصوير حجم الألم الذي يعتري الأنفس ليجعل الأرواح تبكي؟
وجواب سؤالي لم لم أجده إلا وأنا أطوي آخر صفحة من رواية شدتني وآلمتني، إنطلاقا من أول كلمة في الإهداء وصولا لآخر كلمة في النهاية... لأتأكد أن هناك من يكتب بقلم الوجع الذي يكون حبره دم القلب النازف، ودموع الروح المنهكة...
في منزلي محرم التعبير عن المشاعر بصوت مرتفع، الواقعية والخوف من الأذى هو كل ما على المرء أن يتحلى به"
.
من هنا كانت الإنطلاقة مع بطلة الرواية ذات ال 14 سنة، وتجسَّدت المعاناة في كنف أسرة الأب فيها "سادي" يهين، يضرب، يكسر الأضلع والمشاعر له دستوره الخاص الذي يجب أن ترضخ له الأسرة غصبا عنها، أما الأم فكانت " نصف مازوشية" تقبل ذلك العذاب ذون أن تتلذذ به،
أب جعل الطفلة تفقد إنسانيتها، بممارسته عليها جبروته الإرهابي، جعلها تهرب من المرِّ إلى الأمرِّ، ومن خلال ذلك استطاع الكاتب أن يصور تلك الرحلة المأساوية بوجع متناهي الدقة، عرَّج بي بالحرمان، وظلم الشارع، وقساوة التشرد، وتعجرف الأثرياء، ومعاناة اليتامى.. فكنت وأنا أقرأ بأسلوبه أربط مقارنة مباشرة بكلاسيكيات الأدباء الذين قرأت لهم في صغري وأثرت فيَّ قصصهم أمثال فيكتور هيغو وغي دي موباسون، حتى أني تذكرت المشاهد الموجعة التي مرت بي في حياتي فأعدت رسم جميع الوجوه المعذبة...
التشويق في الرواية أيضا كان عنصرا فعالا، وأضفى جمالا خاصا رغم أنفاسي التي كانت تُحبس بين الفينة والأخرى...
وصلت للنهاية وأنا أردد مشفقة: "ميسم يا وجع القلب" وأنا أتذكر كلماتها التي حملتها معي من بداية الرواية: " الذكر كان يعني في قاموسي شيئا واحدا، السوط، الزجر... والإهانة" ثم جاءت نهايتها بانكسار ذلك السوط بطريقة ذكية من الكاتب بعيدا عن الطرق المكررة دائما مما جعلني أتنفس الصعداء وأبتسم وأنا امسح الأسى الذي سكنني، يا لها من رواية رائعة !
***
صفنت بعدها بيني وبين نفسي وأنا أفكر: أيعقل أن تكون أبوة قاسية بهذا الحد، كم من البشر يعانون، يئنون في صمت ينتظرون من يكتبهم ليفجر قلوبا متحجرة...
Vasily Perov