الجمعة، مارس 27، 2015

لا تقتل عصفورا ساخرا


عنوان الكتاب:لا تقتل عصفورا ساخرا
  الكاتب: هاربرلي 
ترجمة:  توفيق الأسدي
عدد الصفحات:634  صفحة
التقييم:4  نجمات.
ابن الحرام محب الزنوج..
ـ حين تكون هناك شهادة رجل أبيض ضد شهادة رجل أسود، فالأبيض هو الرابح دائما، انها حقيقة بشعة جدًّا، ولكنها من حقائق الحياة...


هكذا كانت أمريكا منذ سنوات خلت، هكذا كان منبوذ من يدافع عن السود الزنوج قبل أن تحلم كوندوليزا رايس أو أهل أوباما بأن يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم... 
الذي يقرأ العنوان للوهلة الأولى وحتى الثانية والثالثة لا يمكنه أبدا تخمين محتوى الكتاب، ربما قد يخبره حدسه أنه هناك قتل لشيء أو لمخلوق بريء إنما لن يخطر بباله أن يكون قتل للإنسانية، طبعا كيف لا يكون قتل للإنسانية بأبشع صورها والإنسان " الزنجي/الملون" هو أقرب للحشرة بالنسبة للإنسان " الأبيض" يدوس عليها وقتما شاء دون محاسبة أو وخز بسيط للضمير، لا بل ويعتبر من يدافع عن هذه الحشرة "ابن حرام محب للزنوج"...
مع قصة الرواية العبقرية وبطلها أتيكوس وطفليه الذين لا تمتُّ أفكارهما بصلة لما يفكر به الأطفال تنطلق بنا الكاتبة على لسان الطفلة سكاوت إبنة المحامي أتيكوس إلى حقبة مظلمة وأشد سوادا من بشرة الزنوج الذين كتبت عنهم، وتصور بأسلوب عبقري الوضع المزري اللاإنساني لفكرة اللامساواة التي كانت قائمة، لتكون مربط الفرس هي حادثة الإغتصاب التي راح ضحيتها شاب زنجي راودته فتاة بيضاء لرغبة في نفسها، فما كان من القضاء سوى معاقبته بسوء نيتها وخبث فعلتها... وما اقساه العقاب حين يكون ظلما بدون جرم يشهد، وما اشنعه حين يكون اعداما ليس فقط اعداما للشخص المسلط عليه العقوبة وإنما إعداما للإنسانية بتفويض من المحكمة وهيئتها التي يطلق عليها قاعة العدل والمساواة...
أتيكوس الذي كان يعلم أنه سيخسر القضية منذ البداية لم يستسلم لما كان يمليه عليه واقع بلدته وأهله وأكمل في طريق الدفاع عن الزنجي الأسود الذي يعلم الجميع براءته غير أن غطرستهم وتصميمهم على وضع الشخص الأبيض فوق الجميع منعتهم من انصافه... فالفرضية المسلّم بها تقول بأن كل الزنوج أشرار وكل الزنوج قذرين وكل الزنوج وحوش ولا يمكن الثقة فيهم رغم أن أتيكوس حاول اقناعهم بالعكس وأن صفة الشر والخير هي من ميزات جميع الأجناس البشرية وليس فقط الزنوج والبيض...

وهذه أيها السادة كذبة سوداء بحد ذاتها بقدر ما هي بشرة توم روبنسون سوداء، كذبة لست مضطراً إلى أن ألفت انتباهكم إليها. فأنتم تعرفون الحقيقة، والحقيقة هي: بعض الزنوج يكذبون، وبعض الزنوج لا أخلاقيون، وبعض الزنوج الذكور لا يمكن الوثوق بهم فيما يخص النساء.. أكن سوداوات أو بيضاوات، ولكن هذه حقيقة تنطبق على الجنس البشري كله وليس على عنصر بعينه منه. ليس في هذه المحكمة شخص لم يتفوه بكذبة في حياته، أو لم يرتكب عملاً لا أخلاقياً


بعد مقتل توم الزنجي انحنى مسرى الرواية إلى البرود وخيبات الأمل رغم أنها كانت متوقعة، غير أن الحادثة التي وقعت للطفلين أعادت إحياء نفَس الترقب والإثارة من جديد، لنستنتج أن طريق الحق والعدالة مليء بالأشواك 

قبل أن أكتب الريفيو أرسلت لي صديقة القراءة روح، فيديو رائع يحمل عنوان " لدي حلم" لمارتن لوثر كنج تأثرت بشدة وهو يردد 

لدي حلم 
في يوم ما
أن هذه الأمة ستنهض
تعيش المعنى الحقيقي لعقيدتها
نحن نعتبر هذه الحقائق بديهية 
لدي حلم 
في يوم ما على تلال جورجيا الحمراء 
أبناء العبيد السابقين وأبناء المستعبدين السابقين
سيكونون قادرين على الجلوس معا على مائدة الأخوة 
لدي حلم 
أطفالي الاربعة 
يعيشون في بلاد حيث لا يمكن الحكم عليهم من خلال لون بشرتهم بل بمضمون شخصيتهم
لدي حلم 
...

https://www.youtube.com/watch?v=QpHHX...

وما كان مني حين فرغت من الاستماع لكلماته المؤثرة سوى أن أقول آمين، وأتمنى أن تعم الإنسانية أرجاء المعمورة يوما ما

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق