السبت، يناير 31، 2015

هيلين كيلر أسطورة تحدي... ومعجزة نبوغ!!


«"عندما يُغلق باب السعادة، يُفتح آخر ، ولكن في كثير من الأحيان ننظر طويلا إلى الأبواب المغلقة بحيث لا نرى الأبواب التي فُتحت لنا".»
***
حين شارفتُ على الإنتهاء من قراءة كتاب "قصة حياتي العجيبة" طرِح عليّ سؤال: هل اكتشفتِ سر عظمة المرأة أم ليس بعد؟
هذا السؤال كنت قد طرحته على نفسي منذ سنوات، أي منذ سمعت يوما أن هناك فتاة من القرن التاسع عشر قد تحدت الإعاقة لتكون عظيمة... بالنسبة للإعاقة كنت أعرف انها الصمم والعمى أما بالنسبة للعظمة فقد بقي يشغل بالي سرها وإن عرفت أنها تمثلت في تخطي الصعاب ودحر اعاقتها لتكون المرأة المعجزة...


 


أثناء، وبعدما فرغت من قراءة الكتاب اكتشفت ان عوامل النبوغ والعظمة تمثلت بلا شك في:
_ إرادة فولاذية.
_ أسرة متفهمة
_ معلمة فذة، عبقرية ( ولها يعود أغلب الفضل إن لم يكن كله إذا تخيطنا إرادة هيلين)
_ مجتمع مختلف ( مختلف تماما عن المجتمع العربي).
وقبل الحديث عن الارادة الفولاذية والاسرة المتفهمة والمعلمة العبقرية سأتجاهل المجتمع كي لا أدخل في مقارنات مللناها، ولأن محيطها سيحكي عن نفسه بنفسه.


أسرة تبحث عن اشعال فتيل نور انطفأ بغتة ...
ولدت هيلين كيلر في اليوم ال27 من شهر يونيو 1880 بألامبا إحدى ولايات الولايات المتحدة الأمريكية..
ميلادها كان كميلاد أي طفل عادي غير أن الشهر التاسع عشر من حياتها كان مختلفا عما مضى، فقد اظلم العالم أمام عينيها واسدل الستار على اشهر قلائل كانت تنعم فيها بحياة عادية، لتدخل مرحلة يصعب على أي انسان تصور نفسه يحياها...
آمارات الذكاء كانت بادية على ملامح الطفلة منذ أشهر ميلادها الأولى، غير أن المرض والحمى اللعينة التي فتكت بأهم حاستين يمتلكهما الانسان قد جعلتها مجرد جسم مجرد مما يدور حوله، ومن الجيد أنها وجدت عائلة مثل عائلتها تهتم بها طوال الوقت وتسهر على راحتها، فتقدم لها كل ما تحتاجه و تولت ارشادها، لكن نفسيتها كانت تسوء يوما بعد يوما وتذمرها يزداد كلما فهمت معنى الظلام الذي اضحت تعيشه.
تقول هيلين كيلر: " ليس بمقدوري أن اتذكر ماذا حدث في أثناء الشهور الأولى التي اعقبت مرضي، لكن أذكر أنني كنت أمكث بين ذراعي أمي أو أتعلق بثيابها حينها كانت تؤدي أعمالها المنزلية، وان يدي كانتا تتحسسان كل شيء وتستشعران كل حركة، وبهذه الكيفية أمكنني ان اتعلم الكثير من الاشياء وسرعان ما صرت أشعر بالحاجة إلى الحديث مع الآخرين، وبدات بعض الايماءات تصدر عني، فكانت هزة الرأس تعني "لا"، وطأطأة الرأس تعني "نعم"، والجذبة باليد تعني "تعال"، والدفعة تعني "اذهب". وحين كنت أريد خبزا كانت تصدر عني الحركات الدالة على تقطيع الخبز وتغطيته بالزبد، وحين كنت أرغب في تناول "الآيس كريم" كنت أؤدي بيدي الحركة الدالة على تشغيل جهاز التجميد وأرتعش للتدليل على البرودة. وقد نجحت أمي في جعلي أفهم قدرا كبيرا من الأمور".
عرضعتها عائلتها على كل طبيب التمست فيه أمل شفائها، وكان الدكتور أليكس غراهام بل" نقطة الفصل، وسكة العبور من سجن الظلام إلى فسحة النور، هذا الطبيب الشهير نصح والد الفتاة حين سافر هذا الآخر بابنته ليفحصها لديه، نصحه بالكتابة إلى مؤسسة "بركنز" وهي مدرسة للمكفوفين تم فيها منذ زمن معالجة فتاة عمياء، صماء... وقد تلقى رد بأنهم وجدوا معلمة لهيلين.. كان ذلك في صيف 1886 لكن الآنسة "آن سوليفان" لم تصل إلا شهر مارس التالي.
***

بين المعلمة والتلميذة معجزة نبوغ...



مجيء الآنسة "آن مانسفيلد سوليفان" كان نقطة الفصل بعدما بسطت لها اليد التي انتشلتها من عالم الظلام الى عالم النور، كان ذلك يوم 03 مارس 1887 قبل أشهر من بلوغها السابعة من العمر، وللإشارة فإن الآنسة "آن" التي لم تتعد عشرين عاما وهي تشغل هذه الوظيفة، عاشت منذ ميلادها ظروف مزرية مع اليتم والفقر المدقع، فتم ارسالها رفقة اخيها إلى ملجئ للأيتام، أخوها الذي لم يتحمل الوضع المزري قضى نحبه في حين كادت تصاب هي بالعمى فانخفض بصرها وهي ابنة ال 14 سنة، ارسلت خلالها إلى معهد "بيركنز" هناك تم تعليمها القراءة عن طريق الاصابع، وكان القدر لطيفا معها ليتحسن بصرها، لتكرس بصرها وسمعها وكل حياتها فيما بعد لأجل هيلين.

"هل حدث يا عزيزي القارئ أن كنت في أعماق البحر وسط ضباب كثيف وبدا لك أن ظلاما أبيض يحاصرك، وراحت السفينة الكبيرة التي تحملك تتحسس طريقها بحذر وفي قلق نحو الشاطئ؟ لقد كنت قبل أن يبدأ تعليمي تائهة مثل تلك السفينة، فيما عدا انني لم أكن أعلم أين يقع الشاطي.
كان أهم يوم في حياتي على ما اذكر هو ذلك اليوم الذي جاءت فيه معلمتي الآنسة "ان سوليفان" وانني ليملأني العجب حين أفكر في الفوارق بين هذين الشطرين من حياتي اللذين تم وصلهما في ذلك اليوم 3 مارس سنة 1887 قبل ثلاثة شهور فقط من بلوغي السابعة من عمري"
وقد دأبت المعلمة منذ وصولها على تعليم هيلين فبدأت تلقنها تهجية الكلمات عن طريق أبجدية الأصابع ومع مثابرة المعلمة وحب التلميذة للتعلم زادت عدد الكلمات التي تعلمتها هيلين وأصبح الأمر غاية في المتعة بالنسبة لهذه الطفلة التي كانت روحها دائما تطلب المزيد رغم أن هناك كلمات ليست سهلة الفهم بالنسبة لها.
وبقيت الكلمات الغير ملموسة عائقا كبيرا أمام هيلين حيث تطلَّب تلقينها وتعلمها نوعا خاصا من الذكاء، وهنا مثلا تذكر تجربة لفهم كلمة "حب" فرغم صغر الكلمة وبساطتها وسهولة فهمها لأي انسان غير انها استنزفت الكثير من هيلين كي تعي معناها:

" وعلى سبيل المثال فإنني أتذكر ذلك الصباح الذي سألت فيه لأول مرة عن معنى كلمة "حب" وكان ذلك قبل أن أتعلم الكثير من الكلمات. ودعوني أحكي لكم هذه الواقعة: فقد وجدت بعض أزهار الربيع المبكرة الظهور في الحديقة فأحضرتها إلى معلمتي، فحاولت بدورها أن تقبلني كنوع من التعبير عن الامتنان لكني في ذلك الوقت لم أكن أرغب في أن يقبلني أحد فيما عدا أمي. فأحاطتني الآنسة سوليفان بذراعيها برقة ولطف وتهجت على أصابعي الكلمات التالية "أحبك يا هيلين" فسألتها: "ما هو الحب؟" فجذبتني لتقربني إليها أكثر وقالت "إنه هنا" وأشارت إلى قلبي، فحيرتني كلماتها الغامضة كثيرا لأنني في ذلك الوقت لم أكن أعرف أي شيء مالم يكن باستطاعتي أن ألمسه.
ورحت اتشمم الأزهار في يدها وأسألها تارة بالكلمات وتارة بالإيماءات سؤالا معناه: "هل الحب هو الرائحة الجميلة للأزهار؟"
فقالت معلمتي: "كلا"
ففكرت ثانية، وكانت الشمس تسطع علينا في ذلك الوقت، فأشرت في الاتجاه الذي يجيء منه الدفء وسألتها ثانية: "هل هذا هو الحب؟"
بدا لي وقتها أنه من غير الممكن أن يكون هناك شيء أكثر جمالا من الشمس التي تشع الدفء فتجعل كل شيء ينمو ويزدهر، لكن الآنسة سوليفان هزت يدها إشارة إلى النفي، مما جعلني أصاب بحيرة كبيرة وأشعر بالاحباط. وذهب في تفكيري إلى أنه أمر غريب للغاية ألا تستطيع معلمتي أن توضح لي ماهو الحب.
وبعد ذلك بيوم أو أكثر كنت أنظم مجموعة من الخرزات المختلفة الاحجام في خيط، وقد اتبعت في ذلك طريقة معينة هي أن انظم خرزتين كبيرتين ثم ثلاث صغيرات، ثم اثنين كبيرتين، فثلاث صغيرات... وهكذا، وقد وقعت أثناء ذلك في الكثير من الأخطاء، فأخذت الآنسة "سوليفان" تشير إلى أخطائي مرة بعد مرة في صبر وأناة ولطف، فمضيت بعناية واهتمام أكبر أبذل محاولات أخرى لأتمكن من نظم الخرزات بالطريقة الصحيحة، وقد شجعتني الآنسة سوليفان بأن لمست جبهتي وتهجت على أصابعي فعل الأمر "فكري".
وفي ومضة مفاجئة عرفت أن الكلمة هي اسم لما يدور في رأسي، وكانت تلك المرة الأولى التي أتهم فيها بوعي تام اسم شيء معنوي لم يكن باستطاعتي أن ألمسه بيدي.
ومكثت هادئة لفترة طويلة لم أكن خلالها أفكر في الخرزات التي في يدي، بل كنت أحاول أن أجد معنى كلمة حب، لانني عرفت ساعتها ذلك النوع من الكلمات الذي تنتمي إليه.
وكانت الشمس مختفية وراء السحب طوال ذلك اليوم، وانت هناك زخات قصيرة من المطر، لكن الشمس سطعت فجأة بكل الروعة التي تعرفها بها ولايتنا "ألاباما" الواقعة في الجنوب الأمريكي.
ومرة أخرى عدت لأسأل معلمتي "أليس هذا هو الحب؟"
فأجابتني "الحب شيء مثل السحب التي كانت في السماء قبل أن تسطع الشمس". ثم راحت تشرح قائلة "إنك يا هيلين لا تستطيعين أن تلمسي السحب، وانت تدركين ذلك، لكنك تشعرين بالمطر وتعرفين كم تكون الأزهار والأرض العطشى سعيدة حتى يصل إليها ماؤه بعد يوم حار. وانت لا يمكنك كذلك أن تلمسي الحب، لكنك تعرفين المشاعر الحلوة التي يبثها في كل شي، فبدون المشاعر الطيبة لن تكوني سعيدة أو تكون لك رغبة في اللعب"
صار عقلي مليئا بالحقيقة الجميلة، وشعرت بالأواصر غير المرئية التي تربط بين روحي و أرواح الآخرين"...
ومن التهجئة تطورت قدرات هيلين إلى القدرة على القراءة ومن ثمة تعلم الحساب رغم انه لم يكن يروق لها لصعوبات وجدتها فيه، وكانت معلمتها السند والمحفز الدائم لها فكانت لا تفارقها ابدا حتى في أيام السفر...
الحدث الأبرز في حياة هيلين إن صح التعبير هو تعلمها الكلام وكان ذلك في شتاء 1890، وقد تطوعت الآنسة "سارة فوللر" رفقة الآنسة "سوليفان" تعليم هيلين الكلام فشرعت في ذلك يوم 26 مارس 1890.
"تتلخص الطريقة التي اتبعتها الآنسة فوللر في تعليمي الكلام فيمايلي: كانت تمرر يدي بخفة على وجهها وتجعلني أتحسس وضع لسانها وشفتيها كلما أصدرت صوتا. ورحت أحاول بكل شوق أن افعل كل شيء بنفس الطريقة التي تفعلها بها، وفي ساعة واحدة تعلمت ستة أصوات هي م، ب، أ، س، ث، ي وبلغ عدد الدروس التي تلقيتها على يد الآنسة فوللر أحد عشر درسا، ولن أنسى ما حييت الدهشة والسرور اللتين شعرت بهما حينما نطقت بأول جملة كاملة ومتصلة 'الجو دافئ it is warm '
لم تكن كلماتي واضحة للغاية أو سهلة الفهم، لكنها كانت كلاما بشريا على أية حال "

= هنا فيديو رائع يشرح الطريقة:
http://www.youtube.com/watch?v=Gv1uLf...

******

في المدرسة... جرعة أخرى من التحدي

التحقت هيلين عام 1896 بمدرسة كيبردج كي تستطيع تحقيق حلم الإلتحاق بالجامعة فيما بعد وتنافس فتيات قادرات على السمع والإبصار، وهنا أيضا كانت الآنسة "سوليفان" ترافقها إلى حجرات الدرس كي تتهجى لها على يدها ما يقوله المعلمون الذين كانوا يجهلون كيفية التعامل مع الصم والمكفوفين.
اجتازت هيلين الامتحانات التي تؤهلها للالتحاق بكلية راد كيلف وكانت في مواد عدة كالفرنسية، الانجليزية، الالمانية، اللاتينية، التاريخ الاغريقي... ، وفي أول امتحان نجحت في جميع المواد مع الحصول على درجة الشرف في اللغتين الألمانية والانجليزية...

"وربما كان من الأفضل أن أوضح للقراء الطريقة التي اتبعتها في اداء الامتحانات، فقد كانت أوراق الأسئلة توزع على الساعة التاسعة في جامعة "هارفارد" فيقوم رسول خاص باحضارها إلى كلية رادكليف، وكان لكل طالبة رقم جلوس خاص، فرقم جلوسي مثلا هو 333، لكن نظرا لكوني استخدم آلة كاتبة فقد كانت ورقتي مميزة ومعروفة... والطريف أني كنت أؤدي الإمتحان في غرفة مستقلة لئلا يزعج ضجيج آلتي الكاتبة البنات الأخريات ويؤثر على مقدرتهم على الإجابة، واعتاد المستر جيلمان أن يقرأ عليّ أسئلة الامتحانات باستخدام أبجدية الأيدي، وكان يتولى حراسة الباب حارس خاص ليحول دون تعرضي للإزعاج
" .

غير أن ظروف التمدرس لم تعد مواتية فيما بعد بسبب تمديد فترة الدراسة لهيلين من سنتين إلى خمس سنوات قبل ولوجها الجامعة، ولذلك قررت رفقة معلمتها اتمام دراستها منفردة بعيدا عن اسوار المدرسة ليتحقق حلمها بالذهاب إلى الجامعة خريف سنة 1900 .

"كانت بداخلي قوة هائلة تدفعني وتجعلني راغبة في مواجهة ذات الصعاب والاختبارات التي يواجهها عادة أولئك القادرون على السمع والبصر وقد نصحني أصدقائي ألا احاول ذلك، بل إنه حتى قلبي الذي بين ضلوعي كان يحاول في بعض الأحيان إقناعي التخلي عن تلك الرغبة الملحة، وكنت أدرك تمام الإدراك أنني في سبيلي لمواجهة أمر ليس باليسير، ومن ثم عزمت على قهر كل الصعاب، وترسخ في نفسي الشعور بأنني قادرة على التعلم بنفس القدر الذي يمكن أن يتعلم به أي شخص قادر على الرؤية والسمع، فكل الفارق بيني وبينهم أن ظروفي كانت تحتم علّ تحصيل المعرفة بطريقة مختلفة

"

وعن الصعوبات التي واجهتها تقول:

" كثيرا ما سألني الناس كيف أتغلب على الصعوبات التي اعترضت مسار دراستي في الكلية... وها أنذا أجيب، فمن الناحية العملية كنت بالطبع وحيدة في الفصل وكان الأستاذ بعيدا عني كل البعد كما لو كان يتحدث إليّ عن طريق الهاتف وكانت المحاضرات تترجم لي بالهجاء على يدي بأسرع ما يمكن، ومن ثم كانت الشخصية الذاتية للأستاذ تغيب عني بحكم عدم تواصلي معها، فالمحاضرات كانت تترجم لي بالطريقة التي يمكنني فهمها بسرغة بالغة، والافكار كانت تتدافع إلى رأسي كما تتدافع الكلاب حين تطارد أرنبا.. فهي في بعض الأحيان لا تستطيع ملاحقته، لكن لست اعتقد أنني من هذه الناحية كنت أسوأ حالا من سائر الفتيات اللائي كن يدوّن المحاضرات. فحين يكون العقل مشغولا بعملية الرؤية وملاحقة الكتابة على الورق بأسرع ما يمكن فلا أعتقد أن المرء حينئذ يكون بوسعه أن يولي قدرا أكبر من الإهتمام بالموضوع أو بالطريقة التي يقد بها. و أنا بصفة خاصة لم يكن بمقدوري الكتابة أثناء المحاضرات لأن يديّ كانتا مشغولتين بعملية السمع.. وعادة كنت أقوم بكتابة ما يمكنني تذكره في نصوص المحاضرات حين أعود إلى المنزل، كما كنت أقوم بكتابة حلول التمارين ومواضيع الإنشاء وإجابات الاختبارات والامتحانات على آلتي الكاتبة مما كان يتيح للأساتذة أن يكتشفوا دون أدنى صعوبة أنني لا أعرف سوى القليل. وكنت أستخدم آلة كاتبة من نوع يمكن تغيير نمط حروفه، وكان لديّ يونانية وعلامات ورموز رياضية ومجموعة من الحروف مزودة بالنبرات الفرنسية، وبدون مثل هذه الآلة الكاتبة أشك أنه كان بمقدوري الكتابة أصلا.
ولم يكن متوافرا في طبعات برايل سوى القليل جدا من الكتب التي كنت بحاجة إليها في مجالات الدراسة المختلفة، ومن ثم لم يكن يتسنى لي معرفة محتوى الكتب الباقية إلا عن طريق قيام شخص بتهجيتها لي على يدي، ولهذا السبب ذاته كنت بحاجة إلى وقت أكبر في استذكار دروسي مما تحتاج إليه زميلاتي الأخريات، وفي بعض الأحيان كنت أشعر بحزن شديد على حالي حين اجد نفسي مضطرة لإنفاق ساعات طوال في قراءة عدد قليل من الفصول، بينما كانت الفتيات الخريات ينعمن بالضحك والمرح غير بعيد عني. ومع ذلك حرصت دائما على تبديد تعاستي بالضحك منها لأني كنت أدرك كل الغدراك أن كل امرئ راغب في تحصيل المعرفة الحقيقة لابد من أن تكون لديه من الصعوبات ما يتعين عليه مواجهتها وحده. فليس هناك طريق سهل معبد بالمعرفة بل الطريق الها وعر منحدر ينبغي علّ تسلقه بكل ما لدي من مقدرة وبأفضل طريقة استطيعها".


***

هوايات هيلين...
هيلين لم تكن منكبة على الكتب والتعلم فحسب، فللرياضة وانشطتها حصة من حياتها التي صنعتها لتكون جميلة ومبهرة.
كما ان ما كانت تقوم به بقية البنات لم يكن غريبا ولا بعيدا عنها، فقد كانت تحب حياكة الصوف 'التريكو' وشغل الابرة 'الكروشي' ...
كما أن زيارة مراكز البحوث وحال البيع كان من اهتماماتها...

"ومن دوافع سعادتي أيضا زيارة مراكز البحوث ومحال البيع، وربما يتعجب بعض الناس من مقدرتي على التمتع بجمال الأشياء من خلال حاسة اللمس فقط، وقد يجدون في ذلك أمرا مستغربا، لكن أناملي حين تتحرك على خطوط ومنحنيات العمل الفني وتتحسسه يصبح بمقدورها اكتشاف ما أودعه الفنان في ذلك العمل من أفكار ومشاعر، إنني قادرة على الإحساس بمشاعر الحب أو الكراهية وامارات النبل والشجاعة، تماما كما انا قادرة على الإحساس بكل ذلك في وجوه الاحياء من البشر الذين يتاح لي أن ألمس وجوههم".

***
.
هيلين في أحضان الكتب...

من الحقائق التي لا يمكن لأي انسان تجاهلها هي لذة وجود كتاب يرافقه دائما، ومن الفتن التي نهواها جميعا فتنة الكتاب، وهيلين من هذه الناحية لم تكن تختلف عن أي مبصر فقراءة الكتب كانت شغفها، وقد تحدثت في كتاب "قصة حياتي العجيبة" عن جملة من الكتب والكتّاب التي قرأتها وقرأت لهم، وكان للبعض التأثير العميق في قلبها بين البعض الآخر لم تكن سوى كتبا عابرة ككتاب "لافونثان"
ومن الكتب التي قرأتها واستهوتها:
_ الرسالة القرمزية، أول ما قرأت وهي ابنة الثماني سنوات.
_ اللورد فونتلروي، وكان هدية من الآنسة سوليفان وتقول هيلين أنه من احب الكتب إلى قلبها.
_ أبطال الإغريق، كتاب العجائب لهوثورن، قصص من الثوراة، اعمال شكسبير، ألف ليلة وليلة، نساء صغيرات، هايدي، الإلياذة وغيرها الكثير بالاضافة إلى كتب التاريخ المختلفة...
ودرست بشكل معمق الأدب الألماني، والفرنسي...

"بالنسبة لي، ففي عالم الأدب ليس هناك فرق بين أن أكون مبصرة قادرة على السمع وبين أن أكون كفيفة صماء.. فأصدقائي من الكتب باستطاعتهم دائما أن يتحدثوا معي بكل حرية وبدون تفرقة أو تمييز".

***
.
هيلين الكاتبة...

بعدما شارفت على نهاية قراءة كتاب قصة حياتي العجيبة تيقنت أن هذه المرأة بوسعها أن تعمل كل ما هوعظيم، فقد تحدت تلك الكتلة الصماء البكماء، العمياء التي كانتها لتضحي امرأة تعي كل ما يدور حولها، وكتابها "قصة حياتي العجيبة" الذي كتبته خلال مرحلة دراستها الجامعية ذو القيمة التي لا تقدر بثمن كان أجمل ما كتبت ...
من مؤلفاتها:
(العالم الذى أعيش فيه ) , (أغنية الجدار الحجرى ) , ( الخروج من الظلام) , (تفاؤل ) , ( ايمانى ) ، (الحب والسلام) ،( فلنؤمن) و (هيلين كلير فى اسكتلندا) وغيرها , وترجمت كتبها إلي 50 لغة
https://www.goodreads.com/author/list...

***
حول العالم قامت هيلين كيلر بزيارة إلى 35 بلدا في القارات الخمس بين 1939 و 1957 , والتقت بالكثير من الشخصيات السياسية والاجتماعية المعروفة . قامت بزيارة الجرحى والمصابين و عندما تعجب الناس منها ، قالت لهم : إني أستطيع أن انتقل وأنا عمياء وصماء وأنا سعيدة لأني أصبحت أقرأ أعمال الله التي كتبها بحروف بارزة لي ، فدائما عجائبه ومحبته تشملني

***

الأنشطة السياسية... (حسب ويكيبيديا)
أصبحت هيلين كيلر متحدثة وكاتبة مشهورة حول العالم كما انها اصبحت محامية للاشخاص ذوي الاعاقة لأسباب عدة كما انها كانت تنادي بحق المرأة في الاقتراع واحد الدعاة إلى السلام واحدى خصوم وودرو ويلسون صاحب الفكر الاشتراكي الراديكالي والمؤيد لتحديد النسل وفي عام 1915 قامت بتأسيس منظمة هيلين كيلر الدولية (HKI) بمساعدة من جورج كيسلر وقد كرست هذة المنظمة لأبحاث المتعلقة بحاسة البصر والصحة والتغذية كما ساهمت في عام 1920 في تأسيس الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية )ACLU( وقد سافرت بصحبة معلمتها سوليفان إلى العديد من البلدان الغربية كما قامت برحلات عدة لليابان حتى اصبحت احدى الشخصيات المفضلة لدى اليابانيين وقد التقت هيلين بالعديد من رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية بداية بالرئيس غروفر كليفلاند وانتهاء بالرئيس ليندون جونسون بالاضافة إلى الصداقات التي كانت تربطها بالعديد من الشخصيات المشهورة امثال الكساندر غراهام بيل و تشارلي شابلن و مارك توين وفي مطلع القرن العشرين تم اعتبار هيلين كيلر ومارك توين متطرفين ونتيجة لذلك فقد تم نسيان ارائهم السياسية او تم التغاضي عنها في التصورات السائدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق